الخميس، 23 يوليو 2009

14 - التفاضل و التكامل بين دعاء المسألة ودعاء العبادة


بسم الله الرحمن الرحيم


لا إله إلا الله العلى العظيم , لا إله إلا الله الحليم الكريم , لاإله إلا الله , سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم , الحمد لله رب العالمين .

هل دعاء العبادة أفضل أم دعاء المسألة ؟

****************************

تكلم البعض فى التفاضل بين نوعى الدعاء من حيث التقدم والتأخر فى الدرجة والرتبة , فقدم بعضهم دعاء المسألة وقدم الآخرون دعاء العبادة , والقضية بين نوعى الدعاء قضية تكامل يتكامل كل نوع مع الآخر فى تحقيق توحيد العبودية , لأن العبودية أو الأيمان تحقيقها يكون بالقلب واللسان والجوارح وأحكام العبودية موجهة إلى كل منها .

الأصل فى اللسان القول ووظيفته الأولى التى خلق من أجلها ومن الله على الإنسان بها هى إخراج ما فى القلب من علم أو فكرأو نية حسب المراد عند الخطاب مع الآخرين .

والأصل فى الجوارح الإستطاعة والعمل ثم الخضوع والطاعة والإنقياد , وأحكام العبودية موزعة على هذه الأركان تتكامل فى مجموعها لأداء الغاية التى خلق من أجلها الإنسان.

وقد جعل الله عز وجل العبودية غاية ما ينتهى إليه الموحدون فقال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات : 56 .

ولما كانت غاية المسلم هى تحقيق العبودية وتوحيد الله فإن أداءها يتكامل فى ذات العبد بين دعاء المسألة ودعاء العبادة , ودعاء العبادة هو مقتضى قول العبد : ( إياك نعبد ) الفاتحة

,ويكون بلسان الحال , أما دعاء المسألة هو مقتضى قول العبد : ( إياك نستعين ) الفاتحة , وهو إستعانة منه بلسان المقال وطلب ما ينفع الداعى من جلب منفعة .

غير أن الأمر فى تقديم دعاء العبادة على دعاء المسألة وطلب الإستعانة إنما هو بإعتبار منزلة كل منهما فى الدلالة على توحيد الله عز وجل , وتقديم دعاء العبادة فى الفاتحة على دعاء المسألة من باب تقديم الغايات على الوسائل , إذ العبادة غاية العباد التى خلقوا لها والإستعانة وسيلة إليها .

كما نجد عندنا أن العبادة لا تكون إلا من مخلص , أما الإستعانة تكون من مخلص وغير مخلص لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته , فكانت العبادة أم وأكمل وقال أبن تيمية : (تأملت أنفع الدعاء , فإذا هو سؤال العون على مرضاته , ثم رأيته فى الفاتحة فى إياك نعبد و إياك نستعين ).

وربما يكون دعاء المسألة فى بعض المواطن له أعلى المنازل فى توحيد الله وذلك عندما يدرك العبد أن عصمته فى طاعته , وأن عبادته مرهونة بتوفيق الله ورعايته , وأن بلوغ جنته كان بسبب عونه وهدايته .

روى البخارى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لن يدخل أحدا عمله الجنة , قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا , ولا أنا, إلا أن يتغمدنى الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا ولا يتمنين أحدكم الموت , إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا , وإما مسيئا فلعله أن يستعتب .

فدعاء الله العصمة والنجاة من أعلى المنازل فى توحيد العبودية لله , ولذلك أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته ولذلك وصانا نبينا ألا نترك فى دبركل صلاة : اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .

وخلاصة القول أن التكامل حاصل بين دعاء العبادة ودعاء المسألة .

*******************************************************************

نقلا عن كتاب: أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق