الأحد، 26 يوليو 2009

15 - حكم تسمية العباد بأسماء الله الحسنى


بسم الله الرحمن الرحيم


يا حى يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لى شأنى كله ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين . وصلى اللهم وسلم على خيرة خلقك نبينا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.


حقيقة التسمية بين البشر تعريف الشخص بإسم مخصوص يتميز به عن غيره بحيث يتصور

الذهن وجوده عند ذكره , أما التسمية فى حق الخالق فلا تخضع لأحكامنا لأن الله متوحد فى أسمائه وصفاته , فهو سبحانه ليس كمثله شئ , وأسماؤه أزلية أبدية لا أولية ولا آخرية ,

أما فى البشر فالإسم فارغ من الوصفية .

وكان العرب من شأنهم أن يسموا أولادهم بأسماء الجماد والحيوان لما يرون فيها من بعض الصفات النبيلة كتسميتهم : صخرا أو حربا , أو أسدا أو كلبا , وهم يقصدون تمييز هذا الشخص عن غيره , ويتطلعون أن تتحقق فيه الوصفيةالتى تضمنها الإسم مستقبلا , ولما جاء الإسلام أدب المسلمين فى أسمائهم و أسماء أولادهم فشرع لهم آداب ينبغى مراعاتها,

فالتسمية للمولود حق مشروع للأب دون الأم , فقال تعالى : ( إدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) الأحزاب : 5, ولما كان الإنسان يوم ولادته لا حول له ولا قوة فى تسميته , أمر النبى صلى الله عليه وسلم الآباء بالإحسان إلى أولادهم , وأن يتخيروا أحب الأسماء لهم , عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ( مسلم .2132) , ويلتحق بهذين الإسمين ما كان مثلهما كعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الصمد وسائر الأسماء الحسنى .

كما أرشدنا نبينا إلى التسمى بأسماء الانبياء فقال صلى الله عليه وسلم : تسموا بأسماء الأنبياء , وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن , وأصدقها حارث وهمام , وأقبحها حرب ومرة.

أما المكروه من الأسماء والمحرم فقد إتفق العلماء على تحريم كل إسم معبد لغير الله كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة , وكذلك التسمية بأسماء الشياطين مثل : خنزب والولهان والأعور , ومنها أسماء الفراعنه والجبابرة مثل فرعون وقارون وهامان , ومنها أسماء الملائكة مثل : جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فإنه يكره تسمية الآدميين بها .

وإذا لم يحسن الأب تسمية ولده فعلى الولد بعد بلوغ الرشد أن بغير إسمه , لأن الإسم كما يدعى به الشخص فى الدنيا فإنه يدعى به يوم القيامة, ولا حرج فى ذلك فقد غير النبى الأسم لبعض الصحابة والصحابيات مثل : السيدة زينب بنت جحش وكانت مرة , جيلة بنت عمر وكان إسمها عاصية .

وما يمنع به تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى , فلا يجوز التسمية بالأحد والصمد ولا بالخالق ولا بالرازق و ولا بالقاهر والظاهر.

كما تحرم التسمية بملك الملوك ,ويكرة تسمية قاضى القضاء وحاكم الحكام فقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق هذين اللفظين بالقياس على ملك الاملاك .


نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

الخميس، 23 يوليو 2009

14 - التفاضل و التكامل بين دعاء المسألة ودعاء العبادة


بسم الله الرحمن الرحيم


لا إله إلا الله العلى العظيم , لا إله إلا الله الحليم الكريم , لاإله إلا الله , سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم , الحمد لله رب العالمين .

هل دعاء العبادة أفضل أم دعاء المسألة ؟

****************************

تكلم البعض فى التفاضل بين نوعى الدعاء من حيث التقدم والتأخر فى الدرجة والرتبة , فقدم بعضهم دعاء المسألة وقدم الآخرون دعاء العبادة , والقضية بين نوعى الدعاء قضية تكامل يتكامل كل نوع مع الآخر فى تحقيق توحيد العبودية , لأن العبودية أو الأيمان تحقيقها يكون بالقلب واللسان والجوارح وأحكام العبودية موجهة إلى كل منها .

الأصل فى اللسان القول ووظيفته الأولى التى خلق من أجلها ومن الله على الإنسان بها هى إخراج ما فى القلب من علم أو فكرأو نية حسب المراد عند الخطاب مع الآخرين .

والأصل فى الجوارح الإستطاعة والعمل ثم الخضوع والطاعة والإنقياد , وأحكام العبودية موزعة على هذه الأركان تتكامل فى مجموعها لأداء الغاية التى خلق من أجلها الإنسان.

وقد جعل الله عز وجل العبودية غاية ما ينتهى إليه الموحدون فقال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات : 56 .

ولما كانت غاية المسلم هى تحقيق العبودية وتوحيد الله فإن أداءها يتكامل فى ذات العبد بين دعاء المسألة ودعاء العبادة , ودعاء العبادة هو مقتضى قول العبد : ( إياك نعبد ) الفاتحة

,ويكون بلسان الحال , أما دعاء المسألة هو مقتضى قول العبد : ( إياك نستعين ) الفاتحة , وهو إستعانة منه بلسان المقال وطلب ما ينفع الداعى من جلب منفعة .

غير أن الأمر فى تقديم دعاء العبادة على دعاء المسألة وطلب الإستعانة إنما هو بإعتبار منزلة كل منهما فى الدلالة على توحيد الله عز وجل , وتقديم دعاء العبادة فى الفاتحة على دعاء المسألة من باب تقديم الغايات على الوسائل , إذ العبادة غاية العباد التى خلقوا لها والإستعانة وسيلة إليها .

كما نجد عندنا أن العبادة لا تكون إلا من مخلص , أما الإستعانة تكون من مخلص وغير مخلص لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته , فكانت العبادة أم وأكمل وقال أبن تيمية : (تأملت أنفع الدعاء , فإذا هو سؤال العون على مرضاته , ثم رأيته فى الفاتحة فى إياك نعبد و إياك نستعين ).

وربما يكون دعاء المسألة فى بعض المواطن له أعلى المنازل فى توحيد الله وذلك عندما يدرك العبد أن عصمته فى طاعته , وأن عبادته مرهونة بتوفيق الله ورعايته , وأن بلوغ جنته كان بسبب عونه وهدايته .

روى البخارى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لن يدخل أحدا عمله الجنة , قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا , ولا أنا, إلا أن يتغمدنى الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا ولا يتمنين أحدكم الموت , إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا , وإما مسيئا فلعله أن يستعتب .

فدعاء الله العصمة والنجاة من أعلى المنازل فى توحيد العبودية لله , ولذلك أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته ولذلك وصانا نبينا ألا نترك فى دبركل صلاة : اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .

وخلاصة القول أن التكامل حاصل بين دعاء العبادة ودعاء المسألة .

*******************************************************************

نقلا عن كتاب: أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

السبت، 18 يوليو 2009

13 - الشرك فى الدعاء والإلحاد فى الأسماء


بسم الله الرحمن الرحيم






اللهم إنى أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنى , أنت الحى الذى لا يموت والجن والإنس يموتون .



من الامور المهلكة والكبائر الموبقة أن يجعل الإنسان شريكا لله فى الربوبية والعبودية والأسماء والصفات , قال تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة : 72 وروى البخارى من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أى الذنب عند الله أكبر ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك .



وأصل الشرك التشارك فى شئ , وأشرك بالله جعل له شريكا فيما إنفرد به , والشرك بالله مبناه على منازعة الله فى أوصافه بالتشبيه , ومن شبه الخالق بالمخلوق فمثل وكيف وعطل وحرف فقد وقع فى شرك الأسماء والصفات .



وكثيرا ما يذكر دعاء المشركين لآلهتهم فى القرآن كتعبير عن دعاء المسأله والعبادة معا وإن كان دعاؤهم يغلب عليه دعاء المسألة فى بعض المواضع , وفى مواضع أخرى يغلب عليه دعاء العبادة , فقوله تعالى : ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) .الأعراف : 194 , الأغلب فيه دعاء المسألة لأنه يردا به النداء والطلب والسؤال , وقد بين الله أن تلك المعبودات لا تستجيب لانتفاء صفات الإلوهية اللازمة للاجابة .



والله كما أمر عباده أن يدعوه بأسمائه الحسنى فإنه حذر من الإلحاد فيها , فقال جل شأنه : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف : 180



فالله عز وجل أمر بإخلاص الدعاء له بأسمائه الحسنى وأوصافه العليا , وأمر ألا يصرف شئ من ذلك إلى غيره وهو المعنى الظاهر للإلحاد فيها , ومن ثم فإن صرف دعاء المسألة للاموات إلحاد فى توحيد الأسماء والصفات من جهة ومن جهة أخرى شرك ظاهر فى العبادة , ومنها توجه بعض المسلمين إلى الأضرحة والقباب , يدعونهم ويضرعون إليهم , فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عند حديث جندب رضى الله عنه قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت وهو يقول : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد , ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إنى أنهاكم عن ذلك .


وقال تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد ) الجن : 18 .


وقال قتادة فى معنى : ( يلحدون فى أسمائه ) أى يشركون , وقال عطاء : الإلحاد هو المضاها , ومن الإلحاد فى الأسماء التشبه بالخالق فيما انفرد به من أوصاف الكمال كمن تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه بالمدح والتعظيم ,فالعبد إذا خلع عن نفسه رداء العبودية فإنه سينازع الله فى أوصاف الربوبية ويتشبه به فى العلو والكبرياء, وعظم الأوصاف والأسماء , فمن حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله عز وجل : الكبرياء ردائى والعظمة إزارى , فمن نازعنى شيئا منهما ألقيته فى جهنم .

وكذلك من الإلحاد من الأسماء والميل بها عما يجب لها التشبه به سبحانه فى الإسم الذى لا ينبغى إلا له وحده , كملك الأملاك وحاكم الحكام , ومن سمى نفسه بالسمو والمعالى وصاحب العظمة التعالى , وغير ذلك من المصطلحات التى لا تليق بمقام العبودية .

ومن حديث ابو هريرة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك , لا ملك إلا الله .


ومن الإلحاد فى الأسماء تشبيه الخالق بالمخلوق وهو شرك الأسماء والصفات فالتوحيد فى باب الصفات يقصد به إفراد الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله عن الأقيسة والقواعد التى تحكم ذوات المخلوقين وصفاتهم وأفعالهم.

باب الأسماء الحسنى لم يسلم من إلحاد الملحدين وتعطيل المبطلين بحجج عقلية سقيمة وآراء فكرية عقيمة , فمن ذلك تعطيل الجهمية وأتباعهم لأسماء الله عن معانيها , كقولهم : إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفة ولا معنى فيزعمون أنه سميع بلا سمع ,أو بصير بلا بصر .

ومن الشرك والإلحاد فى الأسماء الحسنى أيضا أن يسمى الله بما لم يسم به نفسه كتسمية النصارى له أبا , وكذلك وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس كقول اليهود إنه فقير , وقولهم إنه إستراح بعد أن خلق خلقه وقولهم يد الله مغلولة

عافانا الله واياكم من الشرك به فى الدعاء والإلحاد فى الأسماء .


نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى



الاثنين، 13 يوليو 2009

12 - أداب دعاء الله بأسمائه دعاء المسألة


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم إنى أسألك فعل الخيرات , وترك المنكرات , وحب المساكين , وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون .


إذا إقترن دعاء المسألة بالآداب الشرعية كان من أعظم الأسباب الإيمانية وأقواها فى تحصيل المنافع الدنيوية والدرجات العلية فى الآخرة, بل يكون الداعى فى توسله من حيث نوع التوسل ورفعته وحقيقته فى أعلى درجات القرب من الله عز وجل .

فلو أن الموحد فى دعائه لربه باسنه ووصفه كان مخلصا فى دعائه متقيدا بطريقة نبيه عليه الصلاة والسلام , وعلى ثقة من ربه فى إجابة مطلبه ملتزما بآداب الدعاء الشرعية فقد تأول بحق قول الله عز وجل : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .

اولا : الإخلاص :

*************

الله أمرنا بالإخلاص فى الدعاء فقال : ( هو الحى لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) غافر : 65 , وأمر بأن يكون الداعى على ثقة ويقين بأن الإجابة حاصلة , وأن الله تعالى يستحى من عبده إذا صدق فى دعائه أن يخيب رجاءه صفر اليدين

من حديث ابى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة , وإعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .

ثانيا : إستحضار القلب :

******************

إستحضار القلب بالخشوع والرغبة فى الثواب , والخشية والرهبة والخوف من العقاب , فقال تعالى فى وصف نبيه زكريا عليه السلام : ( فاستجبنا له ووهبنا له يحييوأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء : 90 , ومع ذلك قوة العزم فى الدعاء .


ثالثا : تحرى الأوقات والإلحاح فى الدعاء :

******************************

وإذا كان الدعاء بأسمائه الحسنى مطلوبا فى كل زمان ومكان إلا أنه فى بعض المواطن التى تضيق فيها الأسباب بالإنسان أقوى مسألة وأسرع إستجابة ,فالله يحب العبد الملح فى الدعاء ,فإذا ضاقت السبل فأول ما يفعله أن يستغيث بربه , ويلجأ إلى الله بما يناسب حاله من الأسماء و يبتهل فى الدعاء , وتحرى وقت السحر فى جوف الليل , وإذا دعا الله دعاء مسألة فيستحب أن يكرر دعاءه ثلاث مرات أو يزيد عن ذلك عند الضيق والكربات

.

رابعا : الدعاء بما فيه رضى الله عز وجل :

******************************

فلا ندعو بقطيعه أرحام أو إثم أو زور أو بهتان , كما أن الداعى ينبغى ألا يحجر رحمة الله فى الدعاء , أو أن يبخل بدعائه لإخوانه ضنا بالفضل لنفسه , فرحمة الله تعالى وسعت كل شئ.


خامسا :تحرى المواضع التى حثنا فيها النبى عليه الصلاة والسلام بالدعاء:

**************************************************

مثل : السجود , وبين الآذان والإقامة , وإذا شعر بالظلم والقهر , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا .


سادسا : أن يكون العبد على طاعة وتوحيد :

*******************************

يجب أن يكون على طاعة لله عز وجل وتوحيد وعبودية وألا يمتثل للأوامر الشرعية , وألا يفعل شيئا حرمه الله , لأن ذلك من موانع الإجابة وتأخير الإستجابة لمطلبه .


سابعا : عدم تعجل الإجابة :

*******************

فيجب ألا يتعجل العبد الإستجابة , وألا يجهر بالنداء إتقاء الفتنة والرياء , وأن يحذر الإعتداد والتجاوز فى الدعاء ومنه أن يدعو بهلاك الناس جميعا أو بإباحة ما حرمه الله على المكلفين , وعدم تمنى الموت , فقال النبى صلى الله عليه وسلم : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لى .

وقد قال أبن القيم :

الدعاء فإنه من أقوى الأسباب فى دفع المكروه وحصول المطلوب .

هذه بعض الآداب إذا إنضمت إلى دعاء الله بأسمائه الحسنى مع فهم دقيق وإيمان عميق وإتصال وثيق بالله , كان ذلك من أقوى الأسباب تاثيرا , وأرجى عند الله إجابة وقبولا .


نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

الأحد، 12 يوليو 2009

11 - أنواع دعاء المسألة وتعلقها بالأسماء الحسنى


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم لا تجعل حاجتنا إلا إليك ,ولا رزقنا إلا منك , ولا توكلنا إلا عليك , وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أنواع دعاء المسألة :

***************

1 - أن يكون الدعاء بالإسم المطلق وهو أعلاه لأنه يدل بالتضمن على وصف كمال مطلق بحيث يكون الإسم فى غاية الحسن , ومن ذلك إستعاذة مريم كقوله تعالى : ( قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) مريم : 18 , وعند مسلم من حديث على رضى الله عنه فى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم إذا قدم إلى الصلاة : اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت , أنت ربى وأنا عبدك ظلمت نفسى وإعترفت بذنوبى فاغفر لى ذنوبى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.


فوردت نصوص فيه دعاء المسألة بإسم الله الرحمن والعزيز الحكيم , والغفور الرحيم , والملك , والأول الآخر الظاهر الباطن .


2 - أن يكون دعاء المسالة بالإسم المقيد وهذا النوع شأنه شأن الدعاء بجميع الأسماء المقيدة , ومن ذلك قوله تعالى عن زكريا عليه السلام : ( قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) آل عمران : 38 , فإسم الله السميع من الأسماء الحسنى المطلقة ولكنه ورد مقيدا فى هذا الموضع , ومثله أيضا الدعاء باسم الله البصير والمولى .

وفى السنة إسم الله النصير , من حديث أنس رضى الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال : اللهم أنت عضدى ونصيرى بك أحول وبك أصول وبك أقاتل.


3 - الدعاء بالوصف الذى دل عليه الإسم سواء كان وصف ذات أو فعل , فمن دعاء المسألة بوصف الذات الدعاء بالعزة التى دل عليها إسم الله العزيز فيما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : اللهم إنى أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنى , أنت الحى الذى يموت والجن والإنس يموتون .

أما الدعاء بوصف الفعل فكالدعاء بالفتح الذى دل عليه إسم الله الفتاح فى دعاء نبى الله نوح عليه وسلم كقوله تعالى : ( قال رب إن قومى كذبون فافتح بينى وبينهم فتحا ونجنى ومن معى من المؤمنين ) الشعراء : 118


4 - أن يكون الدعاء والمدح والثناء بلسان المقال , ويكون دعاء المسألة بلسان الحال ومن ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنه قال : كان النبى صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب :لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب السماوات والأرض رب العرش العظيم .


5 - الدعاء بمقتضى الإسم فهذا يشمله دعاء المسألة , والمقصود الدعاء بمقتضى الطلب أو الخبر فى سياق النص الذى ورد فيه ذكر الإسم أو الوصف كقوله تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) النساء : 110 .

فالمسلم يقول : اللهم إنى أرجو رحمتك إنك أنت الغفور الرحيم , اللهم إنى أتوب إليك وأستغفرك يا غفور يا رحيم .

ويمكن الدعاء أيضا بمقتضى الإسم المطلق مثل أن يقول : اللهم يا خبير يا بصير , سبحانك وبحمدك , توكلت عليك فى مسألتى وأنت عليم بذنبى فإغفر لى وعافنى وإرزقنى وإقض حاجتى ويسر أمرى ويسمى لربه ما يشاء .

والقصد أن الدعاء عبودية لله تعالى وإفتقار إليه , وتذلل بين يديه , فكلما كثره العبد وطوله وأعاده وأبداه ونوع جمله كان ذلك أبلغ فى عبوديته وإظهار فقره وتذلل لله وكان ذلك أقرب له من ربه وأعظم لثوابه , وهذا بخلاف المخلوق , فالله سبحانه كلما سألته كنت أقرب إليه وأحب إليه ,وكلما ألححت عليه فى الدعاء أحبك , ومن لم يساله يغضب عليه , فالله يغضب إن تركت سؤاله , وبنى آدم حين يسأل يغضب .



نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

السبت، 4 يوليو 2009

10 - الدعاء بأسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
صلاة وسلام دائمين متلازمين الى يوم الدين اللهم حبب إلينا

الإيمان وزينه فى قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان . نتعرف اليوم بإذن الله
على الدعاء بأسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .
أصل الدعاء إمالة الشئ إليك بكلام يكون منك طلبا أو نداء ,أو رغبة أو رجاء , أو سؤالا أو ابتهالا .
ويقال : دعوت الله أدعوه دعاء ابتهلت إليه بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير , ودعا لفلان طلب له الخير , ودعا على فلان طلب له الشر . أما الدعاء من جهة الشرع فقد عرفه الخطابى بقوله : ( معنى الدعاء إستدعاء العبد ربه عز وجل العناية , واستمداد منه المعونة, وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى والتبرؤ من الحول والقوة , وهو سمة العبودية وإستشعار الذلة البشرية , وفيه معنى الثناء على الله عز وجل , وإضافة الجود والكرم إليه .) والدعاء يرد فى القرآن والسنة على عدة معانى :

أولا : النداء , كما فى قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إستجيبوا لله وللرسول إذغ دعاكم لما يحييكم ) الأنفال : 24
ثانيا : الطلب والسؤال , كما فى قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )البقرة : 186 وقال تعالى : ( قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ) طه : 36
ثالثا : العبادة , لما روى عند الترمذى وصححة الألبانى من حديث النعمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء هو العبادة , ثم قرأ : ( وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين ) غافر : 60.
رابعا : الإستغاثة , كما فى قوله تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون ) النمل : 62 .
والسؤال إن كان من العبد لربه كان طلبا ورجاء , ومدحا وثناء , ورغبة ودعاءا , واضطرارا وإلتجاء مثل قوله تعالى : ( يسأله من فى السماوات والأرض كل يوم هو فى شأن) الرحمن : 29 , وإن كان من الله لعبده كان تكليفا وإبتلاء , ومحاسبة وجزاءا وتعريفا , مثل قوله تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين ) الحجر : 92
وأما العبادة فى اللغة فهى :
الخضوع والتذليل من قولهم : طريق معبد أى مذلل بكثرة الوطء عليه ,
والعبادة من جهة المعنى الشرعى: تعنى الخضوع التام المقترن بالإرادة وتعظيم المحبوب وقال ابن القيم قال : ( العبادة هى الحب مع الذل , فكل من ذللت له وأطعته وأحببته دون الله فأنت له عابد ) ولنعلم هنا أن دعاء المسألة أعلى أنواع التوسل إلى الله
فإذاكان مدح المخلوق قبل سؤاله بذكر القيل من أوصاف كماله يعد سببا للإجابة وتحقيق المطلوب ,فإن مدح الخالق قبلسؤاله بذكر أسمائه وصفاته وأفعاله يعد سببا متينا فى دعاء المسألة من باب أولى , لا سيما أن المخلوق يمدح بوصف مكتسب زائل ,
وربما يمدح بما لايستحق أو نفاقا وكذبا ,
أما رب العزة والجلال فما زال بأسمائه وصفاته أولا قبل خلقه ,وكما كان بأسمائه وصفاته أزلية كذلك لا يزال عليها أبديا , وهو الغنى عن العالمين . وكل شئ إليه فقير .وكل أمر عليه يسير .فقد وردت نصوص نبوية كثيرة تدل على أن الداعى يتوجب عليه أن يثنى علي ربه قبل السؤال والدعاء , وأن يصلى أيضا على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم , روى أبو داود من حديث فضالة أنه قال : ( سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو فى صلاته , ولم يمجد الله تعالى , ولم يصل على النبى صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره : إذا صلى أحدكم , فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه , ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء ) .

والله عز وجل يحب أن يثنى عليه عبده بأسمائه وصفاته قبل سؤاله ودعائه وروى

البخارى من حديث إبن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا أحد أغير من
الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن , ولا شئ أحب إليه المدح من الله لذلك مدح نفسه ).

وأنواع التوسل التى شرعها الله عز وجل لعبادة ثلاثة أنواع أعلاها وأشرفها التوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله
فقد روى النسائى من حديث محجن بن الأردع أنه قال : ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد إذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد , فقال : اللهم إنى أسالك يا ألله بأنك الواحد الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لى ذنوبى إنك أنت الغفور الرحيم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد غفر له ثلاثا ),

النوع الثانى من التوسل :
هو التوسل إلى الله بفعل العمل الصالح وهو من دعاء العبادة , كأن يذكر الداعى عملا صالحا ذا بال , فيه خوف من الله أو إيثار رضا الله فيه على كل شئ , ثم يتوسل به إلى ربه ليكون أرجى لقبوله وإجابته , وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله وارتضاه .

النوع الثالث من التوسل :
هو التوسل إلى الله تعالى بدعاء الأحياء من المؤمنين الصالحين كأن يقع المسلم فى ضيق شديد أو تحل به مصيبة , ويعلم من نفسه التفريط فى حق الله تبارك وتعالى , فيطلب ممن يعتقد فيه الصلاح والتقوى أو الفضل والعلم أن يدعواأن يدعوا له ربه ليفرج عنه كربه ويذهب غمه . وقد روى من حديث أنس بن مالك رضى الله عليه : ( أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس إبن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا , وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا , قال : فيسقون ) ومعنى ذلك أنهم كانوا يقصدون نبيهم ويطلبوا منه أن يدعو لهم ويتقربوا إلى الله بدعائه , والآن وقد إنتقل للرفيق الاعلى , فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس ونطلب منه أن يدعو لنا


نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى