( اللهم الطف بي في تيسير كل عسير؛ فإن تيسير كل عسير عليك يسير، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة )
الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه
***********************
ورد الاسم مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية في كثير من النصوص القرآنية، قال تعالى: } أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ { [الملك:14] قال تعالى: } وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا { [الأحزاب34]، ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير .
وورد الاسم مقيدا في قول الله تعالى: } إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ { [يوسف:100]، وكذلك قوله: } اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ { [الشورى:19] .
وقد ورد الاسم في السنة في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللطِيفُ الْخَبِيرُ )
.
شرح الاسم وتفسير معناه :
**********************
اللطيف في اللغة صفة مشبهة للموصوف باللطف فعله لطف يلطف لطفا، ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس ,واللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقه مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ، يقال: لطف به وله، فقوله: } اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ { [الشورى:19] لطف بهم ,والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى: } أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ { [الملك:14]، كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته .
ومن المعاني اللغوية للطيف هو الذي لطف عن أن يدرك كما في قوله: } فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَي طَعَاما فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدا { [الكهف19] .وهي أيضا من المعاني التي يشملها اسمه اللطيف فقد دل على لطف الحجاب لكمال الله وجلاله، فإن الله لا يرى في الدنيا لطفا وحكمة ويرى في الآخرة إكراما ومحبة , ولو رآه الناس في الدنيا جهارا لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل والرحمة، ولذلك قال عن رؤية الناس له في الدنيا: } وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ {، وقال سبحانه: } لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ { [الأنعام:103] .
وعند مسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( تَعَلمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَل حَتَّى يَمُوتَ ) ([1])، لأن الدنيا خلقت للابتلاء، أما الآخرة فهي دار الحساب الجزاء حيث يكشف فيها الغطاء، ويرفع فيها الحجاب،
1. مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة،
وقال عن لطفه وإكرامه وإحسانه وإنعامه: } وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ { .
دلالة الاسم على أوصاف الله :
*************************
اسم الله اللطيف يدل على ذات الله وعلى صفة اللطف , قال تعالى عن يوسف عليه السلام: } إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ { [يوسف:100]، أما دلالة اللزوم فالاسم يدل على الحياة والقيومية والعلم والحكمة والقوة والعزة والإحسان والرحمة والرفق والرأفة والجود والمنة، وغير ذلك من أوصاف الكمال، واسم الله اللطيف دل على صفة من صفات الأفعال .
الدعاء باسم الله اللطيف دعاء مسألة :
************************
لم أجد دعاءً مأثورا بالاسم أو الوصف , ويمكن الدعاء بمقتضى ما ورد في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام: } وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ { [يوسف:100]، كأن يقول: اللهم إنك لطيف لما تشاء وأنت العليم الحكيم، ارفع عني البلاء والشقاء وأعذني من الشيطان الرجيم .
وتجد الإشارة إلى ما اشتهر بين العامة في دعائهم: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه، فهذا الدعاء ليس دعاءا مأثورا ولكنه مما اشتهر على ألسنة الناس، وقد منعه البعض وقال ببطلانه وفي ذلك نظر؛ لأن قول القائل: لا أسألك رد القضاء لو كان محمولا على اعتقاده في عدم نفع الدعاء لتعارضه مع القضاء لكان ذلك باطلا، ولكنه دعا الله بطلب اللطف فيه ولن يدعو بذلك إلا إذا اعتقد النفع فيه .
الدعاء باسم الله اللطيف دعاء عبادة :
****************************
دعاء العبادة هو عمل العبد بمقتضى توحيده لاسم الله اللطيف حيث يتلطف للمسلمين ويحنو على اليتامى والمساكين، ويسعى للوفاق بين المتخاصمين، وينتقي لطائف القول في حديثه مع الآخرين، ويبش في وجوههم، ويحمل قولهم على ما يتمناه من المستمعين؛ فإن الظن أكذب الحديث، وقد ذم الله أناسا من المنافقين اتهموا أم المؤمنين رضي الله عنها بفرية باطلة، وقد رفع الله قدرها ورد كيديهم لها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لطيفا بها، لكنه تأثر بقولهم وتغير لها، بشر ربما يتأثر بمثل هذا الخبر،
وعند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لها: ( يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلى العُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ , وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَليْهِ النَّارُ عَلى كُل قَرِيبٍ هَيِّنٍ ليِّنٍ سَهْل .
وممن تسمى عبد اللطيف أبو محمد الهروي عبد اللطيف بن عبد الرشيد بن الحسين .
**********************************************************************************
نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق