بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنى أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنى , أنت الحى الذى لا يموت والجن والإنس يموتون .
من الامور المهلكة والكبائر الموبقة أن يجعل الإنسان شريكا لله فى الربوبية والعبودية والأسماء والصفات , قال تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة : 72 وروى البخارى من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أى الذنب عند الله أكبر ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك .
وأصل الشرك التشارك فى شئ , وأشرك بالله جعل له شريكا فيما إنفرد به , والشرك بالله مبناه على منازعة الله فى أوصافه بالتشبيه , ومن شبه الخالق بالمخلوق فمثل وكيف وعطل وحرف فقد وقع فى شرك الأسماء والصفات .
وكثيرا ما يذكر دعاء المشركين لآلهتهم فى القرآن كتعبير عن دعاء المسأله والعبادة معا وإن كان دعاؤهم يغلب عليه دعاء المسألة فى بعض المواضع , وفى مواضع أخرى يغلب عليه دعاء العبادة , فقوله تعالى : ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) .الأعراف : 194 , الأغلب فيه دعاء المسألة لأنه يردا به النداء والطلب والسؤال , وقد بين الله أن تلك المعبودات لا تستجيب لانتفاء صفات الإلوهية اللازمة للاجابة .
والله كما أمر عباده أن يدعوه بأسمائه الحسنى فإنه حذر من الإلحاد فيها , فقال جل شأنه : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف : 180
فالله عز وجل أمر بإخلاص الدعاء له بأسمائه الحسنى وأوصافه العليا , وأمر ألا يصرف شئ من ذلك إلى غيره وهو المعنى الظاهر للإلحاد فيها , ومن ثم فإن صرف دعاء المسألة للاموات إلحاد فى توحيد الأسماء والصفات من جهة ومن جهة أخرى شرك ظاهر فى العبادة , ومنها توجه بعض المسلمين إلى الأضرحة والقباب , يدعونهم ويضرعون إليهم , فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عند حديث جندب رضى الله عنه قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت وهو يقول : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد , ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إنى أنهاكم عن ذلك .
وقال تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد ) الجن : 18 .
وقال قتادة فى معنى : ( يلحدون فى أسمائه ) أى يشركون , وقال عطاء : الإلحاد هو المضاها , ومن الإلحاد فى الأسماء التشبه بالخالق فيما انفرد به من أوصاف الكمال كمن تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه بالمدح والتعظيم ,فالعبد إذا خلع عن نفسه رداء العبودية فإنه سينازع الله فى أوصاف الربوبية ويتشبه به فى العلو والكبرياء, وعظم الأوصاف والأسماء , فمن حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله عز وجل : الكبرياء ردائى والعظمة إزارى , فمن نازعنى شيئا منهما ألقيته فى جهنم .
وكذلك من الإلحاد من الأسماء والميل بها عما يجب لها التشبه به سبحانه فى الإسم الذى لا ينبغى إلا له وحده , كملك الأملاك وحاكم الحكام , ومن سمى نفسه بالسمو والمعالى وصاحب العظمة التعالى , وغير ذلك من المصطلحات التى لا تليق بمقام العبودية .
ومن حديث ابو هريرة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك , لا ملك إلا الله .
ومن الإلحاد فى الأسماء تشبيه الخالق بالمخلوق وهو شرك الأسماء والصفات فالتوحيد فى باب الصفات يقصد به إفراد الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله عن الأقيسة والقواعد التى تحكم ذوات المخلوقين وصفاتهم وأفعالهم.
باب الأسماء الحسنى لم يسلم من إلحاد الملحدين وتعطيل المبطلين بحجج عقلية سقيمة وآراء فكرية عقيمة , فمن ذلك تعطيل الجهمية وأتباعهم لأسماء الله عن معانيها , كقولهم : إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفة ولا معنى فيزعمون أنه سميع بلا سمع ,أو بصير بلا بصر .
ومن الشرك والإلحاد فى الأسماء الحسنى أيضا أن يسمى الله بما لم يسم به نفسه كتسمية النصارى له أبا , وكذلك وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس كقول اليهود إنه فقير , وقولهم إنه إستراح بعد أن خلق خلقه وقولهم يد الله مغلولة
عافانا الله واياكم من الشرك به فى الدعاء والإلحاد فى الأسماء .
نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق