بسم الله الرحمن الرحيم
من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا غَزَا قَالَ: ( اللهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ )
الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :
**************************
ورد الاسم مطلقا معرفا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ومقرونا باسم الله المولى في موضعين من القرآن، قال تعالى: } وَإِنْ تَوَلوْا فَاعلموا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَولى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الأنفال:40]، وقال تعالى: } وَاعْتَصِمُـوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْـمَ الْمَولى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الحج:78] ,وقد ورد الاسم مقيدا في غير موضع كقوله: } وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ { [التوبة:116]،
· شرح الاسم وتفسير معناه :
************************
والنصير في اللغة من صيغ المبالغة، فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر ومَنْصُور، وقد نصَره ينصُره نصْرا إِذا أَعانه على عدُوّه، واسْتَنْصَرَهُ على عدوه سأله أن ينصره عليه ,وعند البخاري من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( انْصُرْ أَخَاكَ ظالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ ) .
والنصير سبحانه هو الذي ينصر رسله وأنبياءه وأولياءه على أعدائهم في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد في الآخرة، قال تعالى: } إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ { [غافر:51]، وهو الذي ينصر المستضعفين ويرفع الظلم عن المظلومين ويجير المضطر إذا دعاه، قال تعالى: } أُذِنَ لِلذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير { [الحج:39]، والنصير هو الذي يؤيد بنصره من يشاء ولا غالب لمن نصره ولا ناصر لمن خذله، كما قال تعالى : } إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكمْ فَمَنْ ذَا الذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ { [آل عمران:160]، فهو سبحانه حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف ويجبر المستجير وهو نعم المولى ونعم النصير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه، ومن خافه واتقاه آمنه مما يخاف ويحذر، وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع .
دلالة الاسم على أوصاف الله :
*************************
اسم الله النصير يدل على ذات الله وعلى صفة النصرة , فالنصير هو الذي ينصر من يشاء من عباده، قال تعالى: } وَيَنْصُرَكَ الله نَصْراً عَزِيزاً { [الفتح:3]، وقال سبحانه: } يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ { [محمد:7]، واسم الله النصير يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعلم والقدرة والغنى والقوة والعلو والعظمة والعدل والحكمة والكبرياء والعزة وغير ذلك من صفات الكمال، واسم الله النصير دل على صفة من صفات الأفعال .
الدعاء باسم الله النصير دعاء مسألة :
**************************
وورد الدعاء بالوصف في قول الله تعالى: } وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ { [البقرة:250], وقال تعالى عن نبيه نوح : } قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ { [المؤمنون:26), وورد دعاء المسألة بالوصف عند مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا الله الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَامَ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: اللهمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِي السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ ) , من حديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ( رَبِّ أَعِنِّي وَلاَ تُعِنْ عَلَي وَانْصُرْنِي وَلاَ تَنْصُرْ عَلَي وَامْكُرْ لِي وَلاَ تَمْكُرْ عَلَي وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَاي إِلَي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَي ).
وروى الترمذي وحسنه الألباني أن ابن عمر رضى الله عنه قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: ( اللهمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا ).
الدعاء باسم الله النصير دعاء عبادة :
************************
أثر الاسم على العبد أن ينصر الله ورسوله ودينه وحزبه لعلمه أن الله هو النصير الذي ينصر من نصره، ويجب على الموحد أن يكون نصره مع صبره مقترنان وألا ييأس من النصر مهما طال الصبر قال تعالى: } مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَليَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلى السَّمَاءِ ثُمَّ ليَقْطَعْ فَليَنْظُرْ هَل يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ { [الحج:15] ., والحديث فى صلح الحديبية يدل على توحيد الله في اسمه النصير توحيدا اعتقاديا عمليا، فعمر رضى الله عنه حريص على العزة والنصر وأبو بكر واثق في النصر مع الصبر، وأن الله عز وجل سينصر نبيه ومن أطاعه ولو بعد حين، قال تعالى: } كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ { [المجادلة:21] .
ومن جهة التسمية بعبد النصير
*********************************************************************************************
نقلا عن: كتاب أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق