الأربعاء، 24 يونيو 2009

9 - هل الأسماء مشتقة من الصفات أم العكس ؟


بسم الله الرحمن الرحيم .


اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك انت العليم الحكيم , اللهم علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علما .


قضية أسماء الله الحسنى هل هى مشتقة من الصفات ام الصفات مشتقة من الأسماء لابد أن نفرق فيها بين عدة جوانب أساسية توضح المسألة وتبين القضية :

الجانب الأول:

***********

إذا نظرنا إليها من جهة التكليف والحكم الشرعى , فإنه لا يجوز أن نشتق الأسماء من الصفات , وإنما الصفات هى المشتقه من الأسماء, فنشتق من السميع البصير صفة السمع والبصر , ومن العليم القدير العلم والقدرة , لكن لا يجوز أن نشتق من صفات الذات والأفعال أسماء رب العزة والجلال , فقد وصف الله نفسه بالارادة والاستواء والكلام و النزول وانه يؤتى وينزع ويعز ويذل ويخفض ويرفع وهكذا ......

فلا يجوز أن نشتق من هذه الصفات أسماء المريد والمستوى والمتكلم والنازل والمؤتى والمنزع والخافض والرافع .

ومن الخطأ أن نسمى الله بهذه الأسماء أو بعضها , ومن فعل ذلك فقد سمى ربه بما لم يسم به نفسه فى كتابه أو فى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فأسماء الله الحسنى بإجماع السلف الصالح توقيفية على النص , وليست مسألة عقلية إجتهادية يشتق فيها الإنسان لربه أوصافه وأفعاله ما يشاء من الأسماء , ومن أجل ذلك لا يجوز الإشتقاق ولذلك كان باب صفات الله عز وجل أوسع من باب أسمائه الحسنى .

الجانب الثانى :

***********

إذا نظرنا إلى إشتقاق الأسماء والصفات من الجانب الإعتقادى وكيفية توحيد المسلم لربه ؟

فإنه تعالى ليس كمثله شئ فى ذاته المقدسة أو أسمائه الحسنى أو صفاته العليا أو أفعاله , ولا يقاس على خلقه بقياس تمثيلى , فمن المعلوم أن الإنسان فى بدايته وعند أول خلقه وتكوينه يكون ناقصا فى أوصافه و أفعاله , من أجل ذلك صح إكتساب ما يليق به من أنواع الكمال مثل الشرف والعلم والقوة وغيرها ما يحمد عليه من جميل الصفات والأفعال , إذ كمالهم عن أفعالهم , أما رب العزة والجلال فأفعاله عن جلال أسمائه وكمال صفاته وهى مشتقه منها كما ورد فى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : أنا الرحمن خلقت الرحم , وشققت لها من إسمى إسما فمن وصلها وصلته زمن قطعها بتته .

هذا الحديث دليل واضح على أن الله عز وجل أفعاله صادرة عن أسمائه وأوصافه بعكس أسماء المخلوقين وأوصافهم التى تصدر عن أفعالهم , فصفات الله أزلية و أبدية .


موقف المسلم من الأسماء المشهورة التى لم تثبت:

*********************************

عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يسمون الله إلا بما سمى به نفسه فى كتابه او ما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم , وكل مسلم يلزمه أن يصدق الله فى خبره على شرط العلم واليقين , وأن يطيعه فى أمره على شرط الإخلاص و المحبة والقبول والإنقياد .

ولذلك ليس ملزم أن نعتقد بالأسماء الواردة فى قول الوليد بن مسلم أو بعض شيوخه مهما كانت شهرتها .

ونعذر من سبق وسمى الله عز وجل بها ظنا منه أنها من كلام النبى صلى الله عليه وسلم , ونوقرهم ولا نظن أبدا أن أحد منهم يجيز لنفسه تسمية الله بما لم يسم به نفسه , فهم الذين جاهدوا المخالفين وذموا إعتقادتهم لأنهم نفوا دلالة أسماء الله عز وجل عن أوصافه.

ولكن الملزم لكل المسلمين الصادقين أنهم إذا علموا أن الأسماء المذكورة الثابتة بالدليل الصحيح 29 إسما من الأسماء المذكورة لديهم ليست صحيحة ان يؤمنوا بما ثبت لهم , ولا يردوها وله أن يسمى ولده بالتعبد لها وكذلك يدعو الله بها دعاء مسألة ودعاء عبادة ومنها على سبيل الذكر : ( المولى - النصير - الوتر - الجميل - الحيي - الستير - المبين -المليك - المسعر - الديان - الشاكر - الخلاق - الشافى - الرفيق - السيد - الطيب - الجواد - السبوح - الرب - الأعلى - الإله -المحسن - الأحد - الأكرم )


ومن ثم فإن أهل العلم السابقين الذين إجتهدوا فى الإحصاء وجمعها وتعريفها للناس محما كانت نتيجة الأبحاث فهم أهل العلم والسبق والفضل , والمسلم لن يتأثر توحيده طالما أنه على الإيمان المجمل , وانه لو علم خبر الله سيصدقه تصديقا جازما , فدور اهل العلم على مر العصور أن يبينوا للناس العلم ولا يكتمونه خوفا من جائر أو إعتقاد سائر يفتقر إلى دليل .

*********************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

السبت، 20 يونيو 2009

8- تابع دلالة إقتران الأسماء الحسنى على الصفات


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

نتابع بحول الله وقوته بعض أمثلة إقتران الأسماء الحسنى على الصفات.


6- إقتران الغنى بالحليم :

*******************

جمع الله بين هذين الإسمين فى قوله : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنى حليم ) البقرة :263 وذلك ليبين للأغنياء أنه غنى عنهم لن يستفيد شيئا منهم , وإنما الحظ الأوفر لهم أنفسهم, فالصدقة نفعها عائد عليهم فكيف يمنون بنفقاتهم على ربهم , ويؤذون بها عباده مع غناه عنهم , وهو مع هذا حليم إذ لا يعاجل المنان منهم بالعقوبة .


7 - إقتران الغنى بالكريم :

********************

جمع الله بين الإسمين فى قوله تعالى : ( ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم ) النمل : 40 , وفى اجتماع الإسمين من معانى الكمال الكثير والكثير ,فليس كل غنى كريما وليس كل كريم غنيا , ولن يكتسى الغنى بالجمال إذا كان الغنى بخيلا , كما أنه لن يكتسى الكريم بالكمال إذا كان الكريم فقيرا ,وليس من غنى كريم له مطلق الغنى والكرم إلا رب العزة والجلال .


8 - إقتران الواسع بالعليم :

********************

ورد هذان الإسمان فى سبعة مواضع من القرآن , كما ورد فى قوله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) البقرة : 261 فهنا لا يستبعد العبد فى نهاية سياق الآية هذه المضاعفة لأن المضاعف واسع العطاء , واسع الفضل , ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضى حصولها لكل منفق , فإنه عليم بمن تصلح له المضاعفة وهو أهل لها ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها , فإن كرمه وفضله لا يناقض حكمته بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته , ويمنعه من ليس من أهله بعلمه وحكمته .


9 - إقتران الغفور بالودود :

********************

سر إقتران هذين الإسمين فى قوله تعالى : ( إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ) البروج : 13 , 14 , أن العبد الذى بينه وبين الله محبة وود لو أذنب ثم تاب واستغفر نادما صادقا , فإن الله يقبل توبته ويعيد محبته ويرجع الود أعظم مما كان .


10 - إقتران الأول والآخر والظاهر والباطن :

*********************************

وردت هذه الأسماء فى مجموعها دالة على معنى الإحاطة والكمال , وأن لا مناص للعبد من ركونه وافتقاره إلى رب العزة والجلال , فحص من المعانى باقترانها جلال فوق الكمال الذى ينفرد به كل اسم منها فقال تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ) الحديد : 3 ,فالأول يقتضى التجرد من مطالعة العباد للاسباب وإن أخذوا بها , وأن يجردوا النظر إلى سابق فضله ورحمته , وأنه المبتدئ بالاحسان من غير وسيلة من العبد , فمنه سبحانه الإعداد ومنه الإمداد .

والآخر يقتضى أيضا عدم ركونه ووثوقه بالاسباب والوقوف عليها , فإنها تنعدم لا محالة ويبقى الدائم الباقى بعدها , فالتعلق بها تعلق بعدم ينقضى , فهذان الإسمان يوجبان صحة الاضطرار إلى الله وحده ودوام الفقر إليه دون سواه .

أما الظاهر فيقتضى تحقق العبد من علو الله المطلق على كل شئ , وأنه قاهر فوق عباده , ومن ثم يصير لقلبه اتجاها يقصده , وربا يعبده .

وأما الباطن فيقتضى معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته , وأن العوالم كلها بقبضته , وأن الله قد أحاط بالخلائق أجمعين .

فهذه الأسماء الأربعة هى أركان العلم والمعرفة , فلها من معانى الكمال عند الإجتماع ما ليس لكل إسم من هذه الأسماء عند انفراده .

************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

الاثنين، 15 يونيو 2009

7 - دلاله إقتران الأسماء الحسنى على الصفات


بسم الله الرحمن الرحيم


بسم الله خير الأسماء , بسم الله أبدأ.


علمنا أن أسماء الله كلها حسنى وعظمى على ما يناسبها من أحوال العباد, ويذكر ابن القيم أن كل إسم من أسماء الله الحسنى له أثر فى الخلق والأمر, لابد من ترتيبه عليه كترتيب المرزوق والرزق على الرازق , وإسم الغفار التواب يقتضى مغفورا له وما يغفر له, ولذلك كل إسم من أسماء الله هو الأعظم فى موضعه بظهور أثره فى العباد , وحكمة الله فى ترتيب المصالح المقصودة والغايات الحميدة.

والله من حكمته ايضا أن يقرن بين اسمائه فى كثير من المواضع لتظهر دلالتها على أوصافه فتعطى كمالا فوق الكمال وجلال فوق الجلال ,بحيث تتجلى عظمة رب العزة والجلال فى أسمائه وصفاته وأفعاله .

1 - إقتران العزيز بالحكيم :

********************

فكل منها دال على الكمال الخاص الذى يقتضيه , وهوالعزة المطلقة فى العزيز والحكمة المطلقه فى الحكيم , والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة , فعزته لا تقتضى ظلما ولا جورا , كقوله تعالى : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) المائدة : 118

أى إن مغفرتك لهم صادرة عن عزة وكمال قدرة لا عن عجز أو جهل أو فقر أو ضعف .

( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) فذكر العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف , والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم , ولهذا كثيرا ما يقرن تعالى بين هذين الإسمين فى آيات التشريع و الجزاء ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة .



2 - إقتران العزيز بالعليم :

*******************

ذكر الله عز وجل هذين الاسمين مقترنين بعد بيان قدرته فى تسيير الأجرام الفضائية والكواكب الدرية كما ورد فى قوله :( والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم )

يس: 38 وذلك ليعلم الجميع أن كل شئ موجود إنما هو بعلمه ومشيئته , وليس أمرا تلقائيا عفويا دون عزة وحكمة .



3 - إقتران العزيز بالرحيم :

********************

وهو ما ختم الله به سبحانه قصص الانبياء فى كثير من آيات القرآن , ففى سورة الشعراء يذكر فى أعقاب كل قصة : ( وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) الشعراء : 9 , وقد كرر ثمانى مرات , ليبين أن ما حكم به بين الرسل وأتباعهم وأهل الحق وأعدائهم صادر عن عزة ورحمة , وقال الزركشى : مناسبة قوله العزيز الرحيم فإنه نفى الإيمان عن الأكثر , فدل بالمفهوم على إيمان الأقل , فكانت العزة على من لم يؤمن والرحمة لمن آمن .



4 - إقتران السميع بالعليم :

******************

أمر الله عز وجل أن يقرن العبد بين هذين الإسمين عند الإستعاذة به من الشيطان فقال :

( و إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) الأعراف : 200

وذلك لانه يرانا ولا نراه فناسب ذكر العليم مع السميع .

وعند طلب الإستعاذة من شياطين الإنس ناسب ذكر البصير مع السميع

فقال تعالى : ( إن الذين يجادلونك فى آيات الله بغير سلطان أتاهم إن فى صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) غافر : 56 .

لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة بالبصر , وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها فى القلب يتعلق بها العلم .

5 - إقتران الحميد بالمجيد :

*******************

الحميد سبحانه هو الذى له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضى أن يكون محمودا , وإن لم يحمده غيره فهو حميد فى نفسه , والمحمود من تعلق به حمد الحامدين , وهو أهل أن يحب لذاته وصفاته و أفعاله و أسمائه وإحسانه , وهكذا المجيد , فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال التى يحمد من أجلها .

فقال تعالى : ( قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) هود : 73

وللحديث بقية بإذن الله

اللهم علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علما.

************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى