الاثنين، 4 مايو 2009

2- تمييز الاسماء الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة



بسم الله والصلاة و السلام على خير خلقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علما واجعلنا من العالمين العاملين المخلصين

باذن الله وحوله وقوته نحاول اليوم ان نمييز الاسماء الحسنى الثابته فى الكتاب والسنة

نجد عندنا لبس كبير يحدث عند ورود حديثين صحيحين عن نبينا عليه الصلاه والسلام
وهما :
1- حديث ابى هريرة رضى الله عليه , بقول النبى صلى الله عليه وسلم : ( ان لله تسعه وتسعين اسما مائه الا واحدا من أحصاها دخل الجنة )
وهنا يستند اليه فى حصر أسماء الله الحسنى فى التسعه والتسعين وهنا رأى ابن حزم الاندلسى .
2- حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى دعاء الكرب : ( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم انى عبدك وابن عبدك وابن أمتك, ناصيتى بيدك , ماض فى حكمك , عدل فى قضاؤك , أسألك بكل اسم هو لك , سميت به نفسك , أو أنزلته فى كتابك , أو علمته أحدا من خلقك , أو استاثرت به فى علم الغيب عندك , أن تجعل القرآن ربيع قلبى , ونور صدرى وجلاء حزنى وذهاب همى . الا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا , فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بل ينبغى لمن سمعها أن يتعلمها ) .


وهنا يستند اليه فى التوسع فى احصاء أسماء الله الحسنى عن طريق اشتقاق اسماء الله من أفعاله وأوصافه وهذا رأى الفريق الاخر .

أما الفريق الثالث : فهو فريق وسط تولى وجهته ابن تيميه وتلميذه ابن القيم فاتفقوا على أن الاسماء الحسنى توقيفيه على النص , لكن أحدا منهم لم يستطيع جمعها بتمامها أو حصرها من الكتاب والسنة فأخذوا بالروايتين الثابتتين معا .

وهنا نوضح أنه مما لا شك فيه أن جملة أسماء الله الحسنى الكليه تعد أمرا من الآمور الغيبيه التى أستاثر الله بها وأنها غير محصورة فى عدد معين وهذا ظاهر فى رواية ابن مسعود ولا يفهم من حديث أبى هريرة الذى ورد فيه النص على 99 اسما حصرها جميعها بمجموعها الكلى, لان المقصود باحصاء هذا العدد احصاء الاسماء الحسنى التى تعرف الله عز وجل بها الى عباده فى كتابه وسنة رسوله
.لو كان المراد الحصر لقال النبى صلى الله عليه وسلم : ان أسماء الله تسعه وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنه

قال ابن القيم : ( الاسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد , فان لله تعالى أسماء وصفات استاثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبى مرسل كما فى الحديث الصحيح , فجعل أسماءه ثلاثة اقسام : قسم سمى به نفسه فأظهره لمن يشاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه ,وقسم أنزل به كتابه فتعرف به الى عباده , وقسم استاثر به فى علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه , ولهذا قال : استاثرت به , أى انفردت بعلمه ) .

نحن الان اتفقنا أن أسماء الله لا تعد ولا تحصى فهو سبحانه الذى يعلم عددها , أما تخصيص بعضها بتسعة وتسعين و تأكيد النبى صلى الله عليه وسلم بقوله مائه الا واحدا فالعله فى ذلك(رأى الكاتب) والله أعلم أن كل مرحلة من مراحل الخلق يظهر فيها الحق سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ما يناسب الغايه من وجودها .

فمثلا فى مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وشبهات واختلاف وتباين فى الآراء , وتقليب الامور للانسان على أنواع الابتلاء, وحكمة الله فى تكليفه بالشرائع والاحكام , وتمييز الحلال من الحرام , فى هذه الحالة تعرف الله الى عباده بجمله من اسمائه وصفاته تناسب حاجة الانسان وضرورياته .
مثل :
المذنب من العباد ان أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا.
المظلوم سيجد الله حكما وليا نصيرا.
الفقير سيجد الله رزاقا حسيبا مقيتا وكيلا .
الضعيف سيجد الله قويا عزيزا جبار .


ان الدنيا خلقت للابتلاء فان الله قد عرفنا بما يناسبنا ويناسبها من الاسماء وقد لا ينفع الدعاء بهذه الاسماء أو بعضها فى مرحله اخرى مثل يوم القيامة , فلا ينفع أن يدعو الكفار والمشركون ربهم يوم القيامة باسمه العظيم الرفيق الواسع الفتاح الرءوف الودود اللطيف الغفور الغفار العفو التواب , ولا أن يقبل توبتهم , ولا أن يرحمهم , فان ذلك لا يتحقق لمخالفته مقتضى الحكمه .

وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم عند مجئ الحق للفصل يوم القيامة يغضب غضبا شديدا لم يغضب قبله مثله , ولن يغضب بعده مثله , فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون , فيبحثون عن شفيع قريب لكن الانبياء يتخلفون عن الشفاعة الا صاحب المقام المحمود يقول عندها : أنا لها ,
ورد عند البخارى من حديث ابى هريرة مرفوعا : ( فانطلق فآتى تحت العرش فأقع ساجدا لربى عز وجل ثم يفتح الله على من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلى , ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك سل تعطه , واشفع تشفع ) .

ومن ثم أسماء الله التى تعرف بها الى عباده والتى خصها النبى صلى الله عليه وسلم بالعدد المشار اليه فى الاحاديث كلها حسنى وتتناسب مع أحوال العباد ودعائهم لله بها , وذلك ابتلاء من الله لهم فى الاستعانه به والصدق معه والرغبة اليه والخوف منه والتوكل عليه وغير ذلك من معانى العبودية التى تحقق العله من خلقهم .
والنبى صلى الله عليه وسلم لم يبين التسعه و التسعين اسما على وجه العد والتفصيل ليجتهد الناس فى البحث والتحصيل ,وفى ذلك حكمه بالغه أن يطلبها الناس ويبذلوا غايه جهدهم فى التعرف على أسماء ربهم التى ثبتت فى الكتاب والسنة , ثم يؤمنوا بها ويعملوا بمقتضاها.

وكل ذلك من باب المسارعه فى الخيرات ورفعه الدرجات وتتفاوت المنازل فى الجنات وتحقيق وعد النبى صلى الله عليه وسلم الذى يحفز الهمم ويبث على الطاعات لان من يلزم حفظ اسماء الله الحسنى واحصائها يتطلب مجاهدة وجهادا كبيرا

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابته فى الكتاب والسنة
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق