الأربعاء، 7 يوليو 2010

45 - اسم الله ( الكبير )


بسم الله الرحمن الرحيم

(بسم الله الرحمن الرحيم... بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعوذ بالله مما أخاف وأحذر... الله ربي ولا أشرك به شيئاً... عز جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك، ولا إله غيرك. اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنَّ ربي على صراط مستقيم) .

الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :
***************************

ورد اسم الله الكبير مقترنا باسمه المتعال في قوله تعالى: } عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ { [الرعد:9]، ومقترنا بالعلي في عدة مواضع منها قوله: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ { [لقمان:30] ، وقد ورد في السنة عند البخاري من حديث أَبِى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلذِي قال: الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ ) .

شرح الاسم وتفسير معناه :
*********************

الكبير في اللغة من صيغ المبالغة فعله كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير , ويكون الكبر في اتساع الذات وعظمة الصافات نحو قوله تعالى: } فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ { [الأنبياء:58]، وأيضا في التعالي بالمنزلة والرفعة كقوله: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا { [الأنعام:123] .

والكبير سبحانه هو العظيم في كل شيء، عظمته عظمة مطلقة، وهو الذي كبر وعلا في ذاته، قال تعالى: } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255]، روي عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه أنه قال: ( ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم ) ، وهو الكبير في أوصافه فلا سمي له ولا مثيل، ولا شبيه ولا نظير، وهو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله، قال تعالى: } لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ { [غافر:57]، وهو سبحانه المتصف بالكبرياء ومن نازعه في ذلك قسمه وعذبه، روى مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاء رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ).

· دلالة الاسم على أوصاف الله :
***********************

اسم الله الكبير يدل على ذات الله وعلى صفة الكِبَر , وعند البخاري من حديث أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ ) , وعند مسلم في الصلاة من حديث عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَر، فَقَالَ أَحَدُكُمُ: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ... ثُمَّ قال: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، قال: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، ثُمَّ قال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، قال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مِنْ قَلبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ) .

وقال تعالى: } وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً { [الإسراء:111]، وقال: } سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً { [الإسراء:43]، واسم الله الكبير يدل باللزوم على الحياة والقيومية والقدرة والصمدية وعلو الشأن والقهر والفوقية والسعة والعظمة، وغير ذلك من صفات الكمال .


الدعاء باسم الله الكبير دعاء مسألة :

*************************

ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق فى قوله تعالى في الرد على أهل النار وطلبهم الخروج منها: } ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ { [غافر:12]، فالواجب على الموحدين أن يدعوا الله العلي الكبير الذي له الحكم في الدنيا والآخرة قبل أن يقفوا هذا الموقف الأليم، وهذا الدعاء يشمل دعاء المسألة والعبادة معا .

وورد الدعاء بالوصف الذي تضمنه الاسم عند مسلم من حديث مصعب بن سعد رضى الله عنه عن أَبِيهِ أنه قال: ( جَاءَ أعرابي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ علمني كَلاَمًا أَقُولُهُ، قَالَ: قُل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، قال: فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّي فَمَا لي؟ قال: قُلِ اللهُمَّ اغْفِرْ لي وارحمني وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي ) .

وروى أيضا من حديث ابن عمر رضى الله عنه أنه قال: ( بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالحَمْدُ لِلهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا، فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم : مَنِ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قال: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ ).

وعند البخاري من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: ( جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ - الأغنياء - مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلاَ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قال: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ، تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقال: تَقُولُ سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَاللهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) .


الدعاء باسم الله الكبير دعاء عبادة :

*************************

أثر الاسم على سلوك العبد يتجلى في توحيد الله بالعبودية، وأن يخلع عن نفسه أوصاف الربوبية، ولا ينازع ربه أو يتشبه به في الكبرياء والفوقية، فيرى ضآلة نفسه ووصفه مهما بلغت به الرياسة والحاكمية، ولا يغضب لأموره الشخصية، بل يغار إذا انتهكت حرمات الله، ويتقبل النصح من آحاد الرعية، وأن يكون أمينا راعيا على قدر الأمانة والمسئولية، وإذا أخذته العزة بأنه الكبير في أرضه والأمير على بلده يتذكر أن الله عز وجل متوحد في اسمه ووصفه؛ وأنه الكبير الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، قال تعالى: } وَقُل الحَمْدُ للهِ الذِي لمْ يَتَّخِذْ وَلداً وَلمْ يَكُنْ لهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَلمْ يَكُنْ لهُ وَليٌّ مِنَ الذُّل وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً { [الإسراء:111] , وقال عز وجل :( ذَلكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالحُكْمُ للهِ العَليِّ الكَبِيرِ { [غافر:12].


وقد تسمى بعبد الكبير لمن أراد التسمية به .


*********************************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق