الأربعاء، 7 يوليو 2010

45 - اسم الله ( الكبير )


بسم الله الرحمن الرحيم

(بسم الله الرحمن الرحيم... بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعوذ بالله مما أخاف وأحذر... الله ربي ولا أشرك به شيئاً... عز جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك، ولا إله غيرك. اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنَّ ربي على صراط مستقيم) .

الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :
***************************

ورد اسم الله الكبير مقترنا باسمه المتعال في قوله تعالى: } عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ { [الرعد:9]، ومقترنا بالعلي في عدة مواضع منها قوله: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ { [لقمان:30] ، وقد ورد في السنة عند البخاري من حديث أَبِى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلذِي قال: الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ ) .

شرح الاسم وتفسير معناه :
*********************

الكبير في اللغة من صيغ المبالغة فعله كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير , ويكون الكبر في اتساع الذات وعظمة الصافات نحو قوله تعالى: } فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ { [الأنبياء:58]، وأيضا في التعالي بالمنزلة والرفعة كقوله: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا { [الأنعام:123] .

والكبير سبحانه هو العظيم في كل شيء، عظمته عظمة مطلقة، وهو الذي كبر وعلا في ذاته، قال تعالى: } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255]، روي عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه أنه قال: ( ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم ) ، وهو الكبير في أوصافه فلا سمي له ولا مثيل، ولا شبيه ولا نظير، وهو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله، قال تعالى: } لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ { [غافر:57]، وهو سبحانه المتصف بالكبرياء ومن نازعه في ذلك قسمه وعذبه، روى مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاء رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ).

· دلالة الاسم على أوصاف الله :
***********************

اسم الله الكبير يدل على ذات الله وعلى صفة الكِبَر , وعند البخاري من حديث أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ ) , وعند مسلم في الصلاة من حديث عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَر، فَقَالَ أَحَدُكُمُ: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ... ثُمَّ قال: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، قال: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، ثُمَّ قال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، قال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مِنْ قَلبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ) .

وقال تعالى: } وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً { [الإسراء:111]، وقال: } سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً { [الإسراء:43]، واسم الله الكبير يدل باللزوم على الحياة والقيومية والقدرة والصمدية وعلو الشأن والقهر والفوقية والسعة والعظمة، وغير ذلك من صفات الكمال .


الدعاء باسم الله الكبير دعاء مسألة :

*************************

ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق فى قوله تعالى في الرد على أهل النار وطلبهم الخروج منها: } ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ { [غافر:12]، فالواجب على الموحدين أن يدعوا الله العلي الكبير الذي له الحكم في الدنيا والآخرة قبل أن يقفوا هذا الموقف الأليم، وهذا الدعاء يشمل دعاء المسألة والعبادة معا .

وورد الدعاء بالوصف الذي تضمنه الاسم عند مسلم من حديث مصعب بن سعد رضى الله عنه عن أَبِيهِ أنه قال: ( جَاءَ أعرابي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ علمني كَلاَمًا أَقُولُهُ، قَالَ: قُل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، قال: فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّي فَمَا لي؟ قال: قُلِ اللهُمَّ اغْفِرْ لي وارحمني وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي ) .

وروى أيضا من حديث ابن عمر رضى الله عنه أنه قال: ( بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالحَمْدُ لِلهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا، فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم : مَنِ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قال: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ ).

وعند البخاري من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: ( جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ - الأغنياء - مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلاَ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قال: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ، تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقال: تَقُولُ سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَاللهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) .


الدعاء باسم الله الكبير دعاء عبادة :

*************************

أثر الاسم على سلوك العبد يتجلى في توحيد الله بالعبودية، وأن يخلع عن نفسه أوصاف الربوبية، ولا ينازع ربه أو يتشبه به في الكبرياء والفوقية، فيرى ضآلة نفسه ووصفه مهما بلغت به الرياسة والحاكمية، ولا يغضب لأموره الشخصية، بل يغار إذا انتهكت حرمات الله، ويتقبل النصح من آحاد الرعية، وأن يكون أمينا راعيا على قدر الأمانة والمسئولية، وإذا أخذته العزة بأنه الكبير في أرضه والأمير على بلده يتذكر أن الله عز وجل متوحد في اسمه ووصفه؛ وأنه الكبير الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، قال تعالى: } وَقُل الحَمْدُ للهِ الذِي لمْ يَتَّخِذْ وَلداً وَلمْ يَكُنْ لهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَلمْ يَكُنْ لهُ وَليٌّ مِنَ الذُّل وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً { [الإسراء:111] , وقال عز وجل :( ذَلكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالحُكْمُ للهِ العَليِّ الكَبِيرِ { [غافر:12].


وقد تسمى بعبد الكبير لمن أراد التسمية به .


*********************************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى .

44 - اسم الله ( الستير )


بسم الله الرحمن الرحيم


( اللهم استر عورتي وآمن روعتي واقض عني ديني ).


الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

*************************

ورد الاسم في السنة مقرونا باسم الله الحيي، وقد اشتهر اسم الستار بين الناس بدلا من الستير، وهو خطأ لأنه لم يرد في القرآن أو السنة، أما الستير فقد ورد مطلقا منونا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ) , وفي سنن البيهقي عَنْ ابْنِ عباس رضى الله عنه : ( أَنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلاَهُ عَنْ الاِسْتِئْذَانِ فِي الثَّلاَثِ عَوْرَاتٍ التِي أَمَرَ اللهُ بِهَا في الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُمُ: إِنَّ اللهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ ... الحديث ).


شرح الاسم وتفسير معناه :

*******************

ستر الشيء يَسْتُرُه سَترا أَخفاه، والستير هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء، والسُّتْرةُ ما يُستَر به كائنا ما كان، وكذا السِّتَارة والجمع السَّتَائِرُ، وسَتَر الشيء غطاه، روى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( جَاءَتْنِي امْرَأَة مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فأعْطيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثتُهُ فَقَال: مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ) .


والستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عظمت طالما أن عبده من الموحدين، وإذا ستر الله عبدا في الدنيا ستره يوم القيامة روى مسلم من حديث أبي رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لاَ يَسْتُرُ الله عَلَى عَبْدٍ في الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).


وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافى إِلا المجَاهِرِينَ، وَإِن مِنَ المجَانَةِ أَن يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِالليْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ الله، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ ) , وعند البخاري من حديث ابن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى في نَفسِهِ أَنَّهُ هَلَك، قال: سَتَرْتُهَا عَلَيْك في الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغفِرُهَا لَك اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكافِرُ وَالمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) .



دلالة الاسم على أوصاف الله :

********************

اسم الستير يدل على ذات الله وعلى صفة الستر , فالستير هو المتصف بالستر، روى البخاري من حديث ابن رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ ) , وعند البخاري من حديث عبادة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ الله فَهُوَ إِلَى الله إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ) ، واسم الله الستير يدل باللزوم على ما دل عليه اسمه الحيي والاسم دل على صفة من صفات الأفعال .


الدعاء باسم الله الستير دعاء مسألة :

**************************

ورد دعاء المسألة بالوصف الذي تضمنه الاسم عند أبي داود وصححه الألباني من حديث ابن عمر رضى الله عنه أنه قال: ( لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَاي وَأَهْلِي وَمَالِي، اللهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي أو عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَي وَمِنْ خَلفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي ) , وعند أحمد من حديث أَبِي سعيد الخدري رضى الله عنه أنه قال: ( قُلْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ مِنْ شيء نَقُولُهُ فَقَدْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، اللهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، قَالَ: فَضَرَبَ اللهُ عز وجل وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ، فَهَزَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَل بِالرِّيحِ ) .


الدعاء باسم الله الستير دعاء عبادة :

*************************

أثر الاسم على العبد أن يستر على نفسه وغيره الحرمة، وأن يكثر من الطاعة والتهجد في الظلمة، روى الترمذي وحسنه الشيخ الألباني من حديث موسى بن طلحة عن أبي اليسر كعب بن رضى الله عنه قال: ( أَتَتْنِي امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا فَقُلتُ: إِنَّ فِي البَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبَ مِنْهُ، فَدَخَلتْ مَعِي فِي البَيْتِ، فَأَهْوَيْتُ إِليْهَا فَقَبَّلتُهَا، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلكَ لهُ، قَال: اسْتُرْ عَلى نَفْسِكَ وَتُبْ وَلاَ تُخْبِرْ أَحَدًا، فَلمْ أَصْبِرْ فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَذَكَرْتُ ذَلكَ لهُ؛ فَقَال: اسْتُرْ عَلى نَفْسِكَ وَتُبْ وَلاَ تُخْبِرْ أَحَدًا، فَلمْ أَصْبِرْ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلكَ له، فَقَال لهُ: أَخَلفْتَ غَازِيًا فِي سَبِيل اللهِ فِي أَهْلهِ بِمِثْل هَذَا، حَتَّى تَمَنَّى أَنَّهُ لمْ يَكُنْ أَسْلمَ إِلاَّ تِلكَ السَّاعَةَ، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَهْل النَّارِ، قَال: وَأَطْرَقَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم طَوِيلاً حَتَّى أَوْحَى اللهُ إِليْهِ: } وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلفاً مِنَ الليْل إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلكَ ذِكْرَى للذَّاكِرِينَ { [هود:114]، قَال أَبُو اليَسَرِ: فَأَتَيْتُهُ فَقَرَأَهَا عَلي رَسُول صلى الله عليه وسلم فَقَال أَصْحَابُهُ: يَا رَسُول اللهِ: أَلهَذَا خَاصَّةً أَمْ للنَّاسِ عَامَّةً؟ قَال: بَل للنَّاسِ عَامَّةً ) .

وعند البخاري من حديث ابن رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( المُسْلمُ أَخُو المُسْلمِ، لاَ يَظْلمُهُ وَلاَ يُسْلمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ) , وعنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعا: ( كُل أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ المُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ المَجَانَةِ أَنْ يَعْمَل الرَّجُل بِالليْل عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُول يَا فُلاَنُ عَمِلتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ ) .


أما من جهة التسمية بعبد الستير فلم أجد بالبحث الحاسوبي أحدا سمي به في مجال ما أجرينا عليه البحث، وكذلك جميع محركات البحث علي الإنترنت، وأنبه على أن الستار ليس من أسماء الله الحسنى ولم يسم الله نفسه به، ومن تسمى بعبد الستار فليغيره إلى عبد الستير .

*********************************************************************************

نقلا عن كتاب ": أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

الجمعة، 2 يوليو 2010

43 - اسم الله ( الحيى )


بسم الله الرحمن الرحيم


في حديث سلمان الفارسي رضى الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خائبتين ) .


الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

************************

لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وصححه الألباني من حديث يَعْلَى بن أمية رضى الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ) .

وفي سنن أبى داود وصححه الألباني من حديث سَلْمَانَ الفارسي رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ) .


شرح الاسم وتفسير معناه :

******************


الحيي في اللغة هو المتصف بالحياء، والحياء صفة خلقية رقيقة وسجية لطيفة دقيقة تمنع النفس من تجاوز أحكام العرف أو من تجاوز أحكام الشرع؛ وأحكام العرف يقصد بها كل ما تعرفه النفوس وتستحسنه العقول من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وهي التي كانت ولم تزل مستحسنة في كل زمان ، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ) .


والمقصود أن الحياء لم يزل مستحسنا في شرائع الأنبياء وأنه لم ينسخ في جملة ما نسخ من شرائعهم , وعند البخاري من حديث أبي رضى الله عنه قال: ( فَوَاللهِ لَوْلا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يؤثروا عَليَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ) ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ موسى كَانَ رَجُلا حَيِيًّا سِتِّيرًا لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ ), والله عز وجل قال: } فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا { [القصص:25]، فالحياء صفة أخلاقية وسجية نفسية تراعي مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وهي كلها خير .
أما حياء الشرع فهو الحياء الذي يحفظ به العبد حدود الله ومحارمه، وربما يتطلب ذلك ورعا واتقاء للشبهة مما يحيف على الحيي بعض الشيء .

والله عز وجل هو الحيي الذي تكفل بعباده وأرزاقهم لأنه ليس لهم أحد سواه فهو الذي يقبل توبتهم ويوفق محسنهم مع دعاءهم ولا يخيب رجاءهم، وحياء الرب تعالى لا تدركه الأفهام ولا تكيفه العقول فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال.


والحياء وصف كمال لله عز وجل لا يعارض الحكمة، ولا يعارض بيان الحق والحجة كما قال تعالى: } إِن اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَة فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِل بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ { [البقرة:26] .



دلالة الاسم على أوصاف الله :

**********************

اسم الله الحيي يدل على ذات الله وعلى صفة الحياء , والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والكرم والحكمة واللطف والرأفة والرحمة وغير ذلك من أوصاف الكمال.



الدعاء باسم الله الحيي دعاء مسألة :

*************************


عند الطبراني وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا في شأن الذي يمر على الصراط، وقد أعطي نوره على إبهام قدميه، يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تخر رجل وتعلق رجل ويصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنه: ( قال: رب أعطني ذلك المنزل، فيقول الله تبارك وتعالى له: فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك يا رب، وأي منزل أحسن منه، فيعطاه فينزله ثم يسكت، فيقول لله جل ذكره: ما لك لا تسأل؟ فيقول: رب قد سألتك حتى استحييتك، وأقسمت حتى استحييتك، فيقول الله جل: ذكره: ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه؟ فيقول: أتهزأ بي وأنت رب العزة فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله ) .



الدعاء باسم الله الحيي دعاء عبادة :

**************************


دعاء العبادة باسم الله الحيي ومقتضى توحيد الله فيه أن تكون حلية العبد وزينته ولباسه بعد تقوى الله الحياء، روى الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ ) .


من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ، قَال: قُلنَا يَا رَسُول اللهِ إِنَّا لنَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ للهِ، قَال: ليْسَ ذَاكَ وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ البَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ المَوْتَ وَالبِلى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَل ذَلكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ ) .


أما من جهة التسمية بعبد الحيي فلم أجد بالبحث الحاسوبي أحدا سمي به في مجال ما أجرينا عليه البحث، وكذلك جميع محركات البحث علي الإنترنت، وهنيئا لمن سمى نفسه أو ولده بذلك لأنه لم يسبقه أحد من السلف أو الخلف فيما نعلم والله أعلم .


*********************************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب و السنة .

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى .