الثلاثاء، 26 يناير 2010

33-اسم الله ( البصير )


بسم الله الرحمن الرحيم

قال ابن القيم :

وهو البصير يرى دبيب النملة السوداء تحت الصخر والصوان

ويرى مجارى القوت فى أعضائها : ويرى عروق بياضها بعيان

ويرى خيانات العيون بلحظها :ويرى كذلك تقلب الأجفان



الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

*************************

ورد اسم الله البصير مطلقا معرفا ومنونا ومقترنا باسم الله السميع فى آيات كثيرة مثل قوله تعالى : ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) الحج : 75,وقرن بالسميع فى ستة مواضع , وأيضا قال تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ) الفرقان : 20.

أما ما ورد فى السنة فقد تقدم فى الحديث فى الاسم السابق : فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سمعيا بصيرا .

شرح الاسم وتفسير معناه :

*******************

البصير فى اللغة من أبنية المبالغة, والبصر يقال للعين , ويقال لحس العين والنظر , أو القوة التى تبصر بها العين أو حاسة الرؤية .

والبصيرة هى الحجة والاستبصار وهى اسم لما يعقد فى القلب من الدين وتحقيق الأمر , وقيل البصيرة : الفطنة , والبصير سبحانه هو المتصف بالبصر ويجب إثبات الصفة لله دون تمثيل أو تكييف أوتعطيل أو تحريف , هو الذى يبصر جميع الموجودات فى عالم الغيب والشهادة , ويرى الأشياء مهما خفيت أو ظهرت مهما دقت أو عظمت .

وهو الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور , ولا يخفى عليه شئ من أعمال العباد , بل هو بجميعها محيط فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة , ويرى دبيب النملة السوداء فى الليلة الظلماء .

وهو الذى ينظر للمؤمنين بكرمه ورحمته , ويمن عليهم بنعمته وجنته ويزيدهم كرما بلقائه ورؤيته , ولا ينظر إلى الكافرين إيقاعا لعقوبته , فهم مخلدون فى النار محجوبون عن رؤيتة.

عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامةولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعة , لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب , ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم , ورجل منع فضل ماء .

دلالة الاسم على أوصاف الله :
**********************
الاسم يدل على ذات الله وعلى صفة العين والإبصار بدلالة المطابقة , وعلى ذات الله وحدها بالتضمن , وفى رواية مسلم : إن الله تبارك وتعالى ليس بأعور , ألا إن المسيح أعور عين اليمنى , كأن عينه عنبة طافية , وصفة العين صفة ذاتية حقيقة نؤمن بها تصديقا لخبر الله ولا نسأل عن الكيفية ,لأننا ما رأينا الله , وما رأينا لعينه مثيلا , فالله عز وجل له عينان حقيقيتان تليق بذاته سبحانه , وقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام : ( قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) طه : 46 .
وأما الإبصار كوصف فعل فالله ينظر إلى بعض خلقه دون بعض نظرة تعطف ورحمة ورأفة وقربة وتنعيما فهو من باب الخصوص , وقال تعالى عن أعدائه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)آل عمران : 77 , واسم الله البصير يدل باللزوم على ما دل عليه اسمه السميع عز وجل .
الدعاء باسم الله البصير دعاء مسألة :
**************************
من دعاء المسألة الدعاء بمعنى الاسم ومقتضاه كسؤال العبد ربه أن ينير له بصره وبصيرته فى قول أو فعل يتناسب مع حاجته كما فى قول إبراهيم عليه السلام وهو يطلب من ربه أن يبصره بنسكه وحجه , وكذلك حال سيدنا موسى عليه السلام عندما طلب من ربه طلبا خاصا يزداد به قربه من خلال النظر إلى المحبوب , وكذلك أمر الله نبيه أن يتوكل على الذى يراه حين يقوم من الليل : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)217( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ)218( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) 219 الشعراء .
الدعاء باسم الله البصير دعاء عبادة :
***************************
دعاء العبادة باسم البصير هو وصول العبد لمرتبة الإحسان وتأثره الدائم بكمال المراقبة , روى البخارى من حديث عمر رضى الله عنه أن جبريل سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرنى عن الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فوجب على العبد أن يراقب ربه فى طاعته , ويوقن أنه من فوق عرشه بصير بعبادته , عليم بإخلاصه ونيته , قال تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) التوبة : 105 , كما أن دعاء العبادة يوجب علينا أن ننظر ونتفكر وأن نعتبر ونتذكر وننظر فى خلق الله وآثار صنعته , وكمال قدرته وبالغ حكمته .
أما من جمة التسمية بعبد البصير فقد تسمى به .
***************************************************************
نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق