بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَا الجَبَّارُ أَنَا المُتَكَبِّرُ، أَنَا المَلِكُ أَنَا المُتَعَالِ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ )
الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :
************************
ورد اسم الله المتعال في القرآن في موضع واحد على سبيل الإطلاق معرفا , وذلك في قوله تعالى: } عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ { [الرعد:9]، وفي السنة عند أحمد بسند صحيح من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنه أنه قال: ( قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: } وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ { قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللهُ عز وجل : أَنَا الجَبَّارُ أَنَا المُتَكَبِّرُ، أَنَا المَلِكُ أَنَا المُتَعَالِ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ ) .
شرح الاسم وتفسير معناه :
*******************
المتعالي اسم فاعل من تعالى، والمتعالي فعله تعالى يتعالى فهو متعال، وهو أبلغ من الفعل علا، والمتعَالي سبحانه هو القاهرُ لخلقِهِ بقدرتِهِ التَّامَّةِ، وأغلب المفسرين جعلوا الاسم دالا على علو القهر، وهو أحد معاني العلو، فالمتعالي هو المستعلي على كل شيء بقدرته، قال ابن كثير: ( المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علما وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها ، وقال أيضا: ( وهو الكبير المتعال، فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته، لا إله إلا هو، ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه ) .
فالمتعالي سبحانه هو الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته، فلا غالب له ولا منازع بل كل شيء تحت قهره وسلطانه، قال تعالى: } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ { [الأنعام:18]، وقد جمع الله في هذه الآية بين علو الذات وعلو القهر، وكذلك قوله تعالى: } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً { [الأنعام:61]، فاجتماع علو القهر مع علو الفوقية يعني أنه الملك من فوق عرشه الذي علا بذاته فوق كل شيء والذي قهر كل شيء، وخضع لجلاله كل شيء، وذل لعظمته وكبريائه كل شيء .
دلالة الاسم على أوصاف الله :
**********************
اسم الله المتعال يدل على ذات الله وعلى علو القهر , قال تعالى: } مَا اتَّخَذَ الله مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُون { [المؤمنون:91]، وقد ذكر ابن القيم في الآية أن الإله الحق لا بد أن يكون خالقا فاعلا، يوصل إلى عابده النفع ويدفع عنه الضر، فلو كان معه سبحانه إله لكان له خلق وفعل، وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر معه.
واسم الله المتعال يدل باللزوم على الحياة والقيومية والأحدية والصمدية والعزة والكبرياء والهيمنة والجبروت، وغير ذلك من أوصاف الكمال، واسم الله المتعال دل على صفة من صفات الذات والأفعال .
الدعاء باسم الله المتعال دعاء مسألة :
**************************
لم أجد دليلا في دعاء المسألة بالاسم، ويمكن الدعاء بالمعنى فالمتعَالي سبحانه هو القاهرُ لخلقِهِ بقدرتِهِ التَّامَّةِ الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته، فلا غالب له ولا منازع، وكل شيء تحت سلطانه وعظمته، وقد دعا موسى عليه السلام فقال: } إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحِسَاب { [غافر:27]، وعند أبي داود وصححه الشيخ الألباني من حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: ( اللهمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ ).
والمسلم يذكر هذا الاسم في دعائه بما يناسب حاجته ومطلوبه، كأن يدعو به لطلب العزة إن كان ذليلا مقهورا، وأن يفرج الله كربه إن كان مظلوما .
الدعاء باسم الله المتعال دعاء عبادة :
***************************
دعاء العبادة هو مظهر يخضع فيه العبد الفقير لربه المتعال، فهو لله ذليل خاضع وفي جناب عزه مسكين متواضع، لعلمه أن المتعال لا يدفعه عن مراده دافع، وليس له شريك ولا منازع، هو القادر الذي بهر أبصار الخلائق جلاله وبهاؤه، وحصر ألسن الأنبياء وصفه وثناؤه، وارتفع عن حد قدرتهم إحصاؤه واستقصاؤه، فالعظمة إزاره والكبرياء رداؤه، ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت فأعجزه دواؤه، جل جلاله وتقدست ، فوجب على الموحد لله في اسمه المتعال ألا يخلع عن نفسه رداء العبودية لينازع ربه في علو القهر والشأن والفوقية أو يشاركه في العلو والكبرياء وعظمة الأوصاف والأسماء، فالكبرياء والعظمة والعلو والعزة كل ذلك لا يليق إلا بالمتوحد المتعال، أما العبد المملوك الضعيف العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق بحاله التعالي؟
وقد تسمى باسم عبد المتعال .
************************************************************************************
نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة .
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى