الأربعاء، 31 مارس 2010

36 - اسم الله ( العفو )


بسم الله الرحمن الرحيم


من حديث عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: ( يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: تَقُولِينَ: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ) .


الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

***********************

سمى الله عز وجل نفسه العفو على سبيل الإطلاق في قوله تعالى: } إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً { [النساء:149]، وقوله: } فَأُولَئِكَ عَسَي اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُوراً { [النساء:99].

من حديث ابن مسعود رضى الله عنه قال: ( إِنَّ أَوَّلَ رَجُلٍ قُطِعَ فِي الإِسْلاَمِ أَوْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ أُتِي بِهِ إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا سَرَقَ، فَكَأَنَّمَا أُسِفَّ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَاداً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَي؟ يَقُولُ مَا لَكَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَأَنْتُمْ أَعْوَانُ الشَّيْطَانِ عَلَي صَاحِبِكُمْ وَاللهُ عز وجل عَفْوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ وَلاَ يَنْبَغِي لِوَالِي أَمْرٍ أَنْ يُؤْتَي بِحَدٍّ إِلاَّ أَقَامَهُ ثُمَّ قَرَأَ: } وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ { [النور:22] ) .


شرح الاسم وتفسير معناه :

*********************

العَفوُّ في اللغة على وزن فعُول من العَفوِ، وهو من صيغ المبالغةِ، يقال: عَفا يَعْفو عَفوا , والعفو هو التجاوُزُ عن الذنب وتَرْك العِقاب عليه، وأَصله المَحْوُ والطمْس، وكل من اسْتَحقَّ عندك عُقوبة فتَرَكتَها فقد عَفَوْتَ عنه ,وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضى الله عنه قال: ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلاَمَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: اعْفُوا عَنْهُ فِي كُل يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّة ) ,والعفو يأتي أيضا على معنى الكثرة والزيادة، فعَفوُ المالِ هو ما يَفضُل عن النَّفقة كما في قوله تعالى: } وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ { [البقرة:219].

والعفوُّ سبحانه هو الذي يحب العفو والستر، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ويستر العيوب ولا يحب الجهر بها، يعفو عن المسيء كَرَمًا وإحسانًا، ويفتح واسع رحمته فضلا وإنعاما، حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق في رجائها بمقلب القلوب .

والمقصود بمحو الذنب محو الوزر الموضوع على فعل الذنب؛ فتكون أفعال العبد مخالفات أو كبائر ومحرمات ثم بالتوبة الصادقة يبدل الله عز وجل سيئاته حسنات، ومن ثم تمحى السيئات عفوا وتستبدل بالحسنات، أما الأفعال فهي في كتاب العبد حتى يلقي ربه، فيدنيه منه ويعرفه بذنبه وسوء فعله، ثم يسترها عليه .

ورى البخاري من حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلاَءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ ) .


دلالة الاسم على أوصاف الله :

***********************

فالعفو عز وجل هو المتصف بالعفو، واسم الله العفو يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والحلم والعلم والقدرة والعدل واللطف والرحمة، وغير ذلك من أوصاف الكمال، والاسم دل على صفة من صفات الأفعال .


الدعاء باسم الله العفو دعاء مسألة :

*************************

ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في حديث عائشة رضي الله عنها الذي تقدم , وورد الدعاء بالوصف في قوله تعالى: } وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ { [البقرة:286]، من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهماأنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: ( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَاي وَأَهْلِي وَمَالِي .. الحديث ) .

وروى النسائي وصححه الألباني من حديث عوف بن مالك رضى الله عنه أنه قال: ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.

الدعاء باسم الله العفو دعاء عبادة :

****************************

دعاء العبادة هو أثر الاسم على سلوك العبد وتوحيد الله فيه، فيعفوا عن الظالمين ويعرض عن الجاهلين، وييسر علي المعسرين طلبا لعفو الله عند لقائه، وقد كان أبو بكر الصديق رضى الله عنه يتصدق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه، فلما شارك المنافقين في اتهام أم المؤمنين عائشة بالإفك وبرأها الله عز وجل ,قال أبو بكر رضى الله عنه : ( وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَال لعَائِشَةَ، فَأَنْزَل اللهُ عز وجل : } وَلا يَأْتَل أُولو الفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولي القُرْبَي وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيل اللهِ وَليَعْفُوا وَليَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ { [النور:22]، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: بَلى، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لي، فَرَجَعَ إِلى مِسْطَحٍ الذِي كَانَ يُجْرِي عَليْهِ ) .

وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم أئمة المسلمين وحكامهم إلى درء الشبهة عن المحكومين لأن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.


لم أجد بالبحث الحاسوبي أحدا سمي عبد العفو .

*******************************************************************************************

نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة


للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى


الثلاثاء، 30 مارس 2010

35 - اسم الله ( النصير )


بسم الله الرحمن الرحيم

من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا غَزَا قَالَ: ( اللهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ )

الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

**************************

ورد الاسم مطلقا معرفا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ومقرونا باسم الله المولى في موضعين من القرآن، قال تعالى: } وَإِنْ تَوَلوْا فَاعلموا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَولى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الأنفال:40]، وقال تعالى: } وَاعْتَصِمُـوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْـمَ الْمَولى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الحج:78] ,وقد ورد الاسم مقيدا في غير موضع كقوله: } وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ { [التوبة:116]،

· شرح الاسم وتفسير معناه :

************************

والنصير في اللغة من صيغ المبالغة، فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر ومَنْصُور، وقد نصَره ينصُره نصْرا إِذا أَعانه على عدُوّه، واسْتَنْصَرَهُ على عدوه سأله أن ينصره عليه ,وعند البخاري من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( انْصُرْ أَخَاكَ ظالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ ) .

والنصير سبحانه هو الذي ينصر رسله وأنبياءه وأولياءه على أعدائهم في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد في الآخرة، قال تعالى: } إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ { [غافر:51]، وهو الذي ينصر المستضعفين ويرفع الظلم عن المظلومين ويجير المضطر إذا دعاه، قال تعالى: } أُذِنَ لِلذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير { [الحج:39]، والنصير هو الذي يؤيد بنصره من يشاء ولا غالب لمن نصره ولا ناصر لمن خذله، كما قال تعالى : } إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكمْ فَمَنْ ذَا الذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ { [آل عمران:160]، فهو سبحانه حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف ويجبر المستجير وهو نعم المولى ونعم النصير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه، ومن خافه واتقاه آمنه مما يخاف ويحذر، وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع .

دلالة الاسم على أوصاف الله :

*************************

اسم الله النصير يدل على ذات الله وعلى صفة النصرة , فالنصير هو الذي ينصر من يشاء من عباده، قال تعالى: } وَيَنْصُرَكَ الله نَصْراً عَزِيزاً { [الفتح:3]، وقال سبحانه: } يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ { [محمد:7]، واسم الله النصير يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعلم والقدرة والغنى والقوة والعلو والعظمة والعدل والحكمة والكبرياء والعزة وغير ذلك من صفات الكمال، واسم الله النصير دل على صفة من صفات الأفعال .

الدعاء باسم الله النصير دعاء مسألة :

**************************

وورد الدعاء بالوصف في قول الله تعالى: } وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ { [البقرة:250], وقال تعالى عن نبيه نوح : } قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ { [المؤمنون:26), وورد دعاء المسألة بالوصف عند مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا الله الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَامَ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: اللهمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِي السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ ) , من حديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ( رَبِّ أَعِنِّي وَلاَ تُعِنْ عَلَي وَانْصُرْنِي وَلاَ تَنْصُرْ عَلَي وَامْكُرْ لِي وَلاَ تَمْكُرْ عَلَي وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَاي إِلَي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَي ).

وروى الترمذي وحسنه الألباني أن ابن عمر رضى الله عنه قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: ( اللهمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا ).

الدعاء باسم الله النصير دعاء عبادة :

************************

أثر الاسم على العبد أن ينصر الله ورسوله ودينه وحزبه لعلمه أن الله هو النصير الذي ينصر من نصره، ويجب على الموحد أن يكون نصره مع صبره مقترنان وألا ييأس من النصر مهما طال الصبر قال تعالى: } مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَليَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلى السَّمَاءِ ثُمَّ ليَقْطَعْ فَليَنْظُرْ هَل يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ { [الحج:15] ., والحديث فى صلح الحديبية يدل على توحيد الله في اسمه النصير توحيدا اعتقاديا عمليا، فعمر رضى الله عنه حريص على العزة والنصر وأبو بكر واثق في النصر مع الصبر، وأن الله عز وجل سينصر نبيه ومن أطاعه ولو بعد حين، قال تعالى: } كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ { [المجادلة:21] .

ومن جهة التسمية بعبد النصير

*********************************************************************************************

نقلا عن: كتاب أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة

للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى

الاثنين، 29 مارس 2010

34 -اسم الله ( المولى )


بسم الله الرحمن الرحيم


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللهمَّ آتِ نفسي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللهمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَعِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَدَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا )


· الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

************************
اسم الله المولى ورد في القرآن الكريم على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية، قال تعالى: } وَإِنْ تَوَلوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الأنفال:40]، وقال سبحانه: } وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الحج:78]، وقد ورد مقيدا في قوله تعالى: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ { [محمد:11],وعند البخاري من حديث الْبَرَاء بْن عَازِب أن أبا سفيان قال يوم أحد: ( إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا اللهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ )

شرح الاسم وتفسير معناه :

*********************

المولى في اللغة مصدر على وزن مَفعَل، فعله ولي يلي وليا وولاية، والمولى اسم يطلق على الرَّب والمالِك والسَّيْد والمنْعم والمعْتق والنَّاصِر والمحِب والتابِع والجار وابن العَمّ والحلِيف والعَقِيد والصِّهْر والعَبْد والمنْعم عليه، والفرق بين الولي والمولى أن الولي هو من تولى أمرك وقام بتدبير حالك وحال غيرك وهذه من ولاية العموم، أما المولى فهو من تركن إليه، وتعتمد عليه، وتحتمي به عند الشدة والرخاء وفي السراء والضراء وهذه من ولاية الخصوص .

والمولى سبحانه هو من يركن إليه الموحدون ويعتمد عليه المؤمنون في الشدة والرخاء والسراء والضراء ولذلك خص الولاية هنا بالمؤمنين، قال تعالى: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ { [محمد:11]، وقال تعالى: } وَإِنْ تَوَلوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الأنفال:40]، وقال: } قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ { [التوبة:51]، والله جعل ولايته للموحدين مشروطة بالاستجابة لأمره، والعمل في طاعته وقربه، والسعي إلى مرضاته وحبه، فمن حديث أَبِي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ التِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.

دلالة الاسم على أوصاف الله :

***************************

اسم الله المولى يدل على ذات الله وعلى صفة الولاية الخاصة بدلالة المطابقة، وعلى أحدهما بالتضمن، فالولاية التي دل عليها اسمه المولى تكون لبعض خلقه دون بعض كما قال تعالى: }} الله وَلِيُّ الذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { [البقرة:257]واسم الله المولى يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة والعدل والحكمة والعزة والرحمة والسيادة والأحدية والغنى والصمدية، وغير ذلك من أوصاف الكمال،

الدعاء باسم الله المولى دعاء مسألة :
****************************

ورد دعاء المسألة باسم الله المولى مقيدا بالإضافة في قوله تعالى عن المؤمنين: } رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِل عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ { [البقرة:286]، وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: } قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ { [التوبة:51].


وروى النسائي وصححه الألباني من حديث زيد بن الأرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللهمَّ آتِ نفسي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللهمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَعِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَدَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا )


وعند ابن ماجة وصححه الألباني من حديث البراء بن عازب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في دعائه لعلي بن أبي طالب : ( اللهمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، اللهمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ )


الدعاء باسم الله المولى دعاء مسألة :

**************************

دعاء العبادة هو أثر الإيمان بالاسم في سلوك العبد فيجاهد نفسه في طاعة مولاه فلا يعصي له أمرا ولا يرد له خبرا,ومن دعاء العبادة أيضا تقوى الله فيمن ولاه عليهم من خدمه أو عماله أو شركائه أو إخوانه، وروى أيضا من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهمَّ مَنْ وَليَ مِنْ أَمْرِ أمتي شَيْئًا فَشَقَّ عَليْهِمْ فَاشْقُقْ عَليْهِ، وَمَنْ وَلي مِنْ أَمْرِ أمتي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) ,وعند أحمد وصححه الألباني من حديث أبي قتادة t قال: ( سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول عَلى المِنْبَرِ للأَنْصَارِ: أَلاَ إِنَّ النَّاسَ دِثَارِى وَالأَنْصَارَ شِعَارِى، لوْ سَلكَ النَّاسُ وَادِياً وَسَلكَتِ الأَنْصَارُ شُعْبَةً لاَتَّبَعْتُ شُعْبَةَ الأَنْصَارِ، وَلوْلاَ الهِجْرَةُ لكُنْتُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَمَنْ وَلي أَمْرَ الأَنْصَارِ فَليُحْسِنْ إِلى مُحْسِنِهِمْ وَليَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَمَنْ أَفْزَعَهُمْ فَقَدْ أَفْزَعَ هَذَا الذِي بَيْنَ هَاتَيْنِ وَأَشَارَ إِلى نَفْسِهِ )


ومن جهة التسمية بعبد المولى فقد تسمى به


****************************************************************************************


نقلا عن كتاب :أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة


للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى